يستحوذ مشروع طاقة شمسية عملاق في بريطانيا على اهتمام المسؤولين في الحكومة، في إطار التزام لندن بتحقيق أهداف المناخ.
ومن المقرر أن يستعمل المشروع الذي يشرف على تنفيذه وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند، مليار لوح شمسي، مع خطط لإنجازه بحلول عام 2035.
لكن إقامة مشروع طاقة شمسية بهذا الحجم في بريطانيا لاقت انتقادات واسعة من قِبل المعارضين الذين يرون أن تركيز حزب العمال على طاقتي الشمس والرياح فقط سيرفع فواتير الطاقة إلى جانب آثاره البيئية؛ لأنه سيتطلّب مساحات أكبر من الأراضي لإنتاج الكمية نفسها من الكهرباء.
ووفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تخطط حكومة حزب العمال للتوسع في إنتاج الطاقة الشمسية من 15 غيغاواط حاليًا إلى قرابة 70 غيغاواط خلال عقد.
مشروع طاقة شمسية أكبر من مدينة لندن
يعوّل إد ميليباند على مشروع طاقة شمسية غير مسبوق في تسريع وتيرة تحقيق أهداف الحياد الكربوني في المملكة المتحدة.
ويغطي المشروع المقترح مساحة تصل إلى 750 ميلاً مربعًا بالألواح الشمسية، أي ما يزيد على مساحة لندن الكبرى.
وعلى فرضية أن متوسط طول الألواح الشمسية يصل إلى مترين مربعين، فإن هذا يعني أن هناك حاجة إلى مليار لوح شمسي لتنفيذ هذا المشروع الطموح.
كما سيشمل المخطط تركيب ما يصل إلى 5 آلاف توربين رياح، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وستكون المنطقة الوسطى من إنجلترا الأشد تضررًا جراء مشروع الطاقة الشمسية المذكور؛ إذ سيجري تركيب معظم الألواح في منطقة تمتد من لينكولنشاير إلى جنوب ويلز وغرب البلاد؛ إذ تشتمل خطة ميليباند على تغطية مساحة تتراوح من 200 إلى 300 ميل مربع بالألواح الشمسية.
وبالنسبة لشرق إنجلترا وجنوب شرقها، والمناطق المحيطة بالعاصمة البريطانية لندن، ستكون هناك حاجة إلى تغطية 150 ميلًا مربعًا بالألواح الشمسية.
إزالة الكربون
تستهدف خُطط التوسع في إنتاج الطاقة الشمسية لدى بريطانيا إزالة الكربون من إمدادات الطاقة في البلاد، وخفض الاعتماد على الغاز وتقليص الأسعار.
وسيكون جزء كبير من هذا التوسع في شكل محطات طاقة شمسية على الأراضي الزراعية في إنجلترا وويلز، حيث نشرت الحكومة في الـ13 من ديسمبر/كانون الأول الجاري أهدافها لكمية الطاقة المتجددة التي تريد نشرها في كل منطقة من المملكة المتحدة.
وبالنسبة إلى كل من إنجلترا وإمارة ويلز ترغب الحكومة البريطانية في إنتاج 64 غيغاواط بحلول عام 2035، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتطلّب الطاقة الشمسية نشر ما يتراوح من 10 و11 ميلًا مربعًا من الألواح الشمسية لكل غيغاواط؛ ما يعني أن هناك حاجة إلى نحو 750 ميلًا مربعًا من الخلايا الشمسية لتحقيق هذا الهدف؛ علمًا بأن منطقة لندن الكبرى تغطي قرابة 700 ميلاً مربعًا.
وسيجري تحقيق جزء من هذا الهدف عبر وضع ألواح شمسية على الأسطح.
لكن رغم أن ميليباند أبدى دعمه القوي للطاقة الشمسية على الأسطح، فإن نطاق وسرعة التوسع الذي يريده يعني أنه سيتعيّن تحقيق الكثير من خلال بناء محطات الطاقة الشمسية.
طاقة الرياح البرية
تشمل أهداف وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند كذلك طاقة الرياح البرية التي من المقرر أن تشهد زيادة هائلة مماثلة مع بناء ما يتراوح من 4 آلاف و5 آلاف توربين بري جديد، معظمها في إنجلترا.
وستكون التوربينات أقل عددًا، ولكنها أكبر حجمًا بكثير من الـ9 آلاف توربين التي رُكبت في إسكتلندا وويلز.
وتركب بعض محطات الرياح في ويلز وإسكتلندا توربينات رياح يصل ارتفاعها إلى 800 قدم، قياسًا بالتوربينات المستعملة في الماضي التي يتراوح ارتفاعها بين 200 و300 قدم.
وفي كلمة له في مقدمة خطة عمل الطاقة النظيفة 2030، التي نُشرت في 12 ديسمبر/كانون الأول، قال ميليباند إن التوسع الهائل في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرهما من الطاقات المتجددة أمر ضروري، لإنهاء اعتماد بريطانيا على أسواق الطاقة العالمية.
وأوضح ميليباند: "في عالم غير مستقر فإن اعتمادنا على الوقود الأحفوري يترك دولتنا عرضة للخطر"، مضيفًا: "عصر الكهرباء النظيفة يدور حول تسخير قوة الموارد الطبيعية في بريطانيا حتى نتمكن من حماية الناس من مخاطر تقلبات أسواق الطاقة العالمية".
وتابع: "ستقدّم خطتنا الأساس الذي تبني عليه المملكة المتحدة نظام طاقة يمكن أن يخفّض فواتير الطاقة بالنسبة إلى الأسر والشركات".
وفي ويلز خصّصت حكومة حزب العمال 10 مناطق لتطوير طاقتي الشمس والرياح مع افتراض الموافقة على طلبات التخطيط في تلك المناطق.
وقال المسؤول في حملة حماية ويلز الريفية "Campaign to Protect Rural Wales" جوناثان دين، إن المحطات الشمسية من الممكن أن تناسب المناطق الريفية شريطة ألا تكون كبيرة جدًا من حيث الحجم.
وأضاف دين: "ندعم الطاقة الشمسية في بريطانيا، شريطة أن تكون موزعة بإحكام، بحيث يكون هناك تناسق في المناظر الطبيعية".
انتقادات لخطط ميليباند
واجهت خُطط إد ميليباند لإقامة مشروع طاقة شمسية ضخم في بريطانيا معارضة قوية من قبل الإصلاحيين الذين ينتقدون خُطط حزب العمال بشأن المحطات الشمسية وتوربينات الرياح البرية في البلاد.
وقال المتحدث باسم شؤون الطاقة في حزب الإصلاح، ريتشارد تيس: "يريد ميليباند أن ينفّذ مشروع طاقة شمسية من شأنه أن يفرش الأراضي الزراعية في بريطانيا بألواح شمسية بحجم منطقة لندن الكبرى تقريبًا".
وحذر تيس من أن "هذا المقترح العبثي سيعني فواتير طاقة أعلى، وإنتاج غذاء أقل، وهو خطأ تمامًا، وأي حكومة إصلاحية ستوقفه فورًا إذا فزنا في الانتخابات العامة المقبلة".
|